كتب / علاء بسطويسي – المحامي
لم تجد أسرة الطفل سليم هنداوي سوى اللجوء إلى العدالة، علّها تنتصر لابنها الصغير الذي يواجه مرضًا نادرًا يلتهم جسده بلا رحمة. سليم، الذي لم يتجاوز سنوات عمره الأولى، يعاني من مرض فاربر؛ أحد أندر الأمراض الجينية على مستوى العالم، ذلك المرض الذي يهاجم المفاصل والأعصاب ويجعل من كل حركة وكل نفس رحلة عذاب لا تنتهي.
كل صباح تستيقظ والدته على صرخته البريئة: "كل جسمي بيوجعني يا ماما"… كلمات تقطع نياط القلب، وتكشف حجم الألم الذي يعيشه طفل لم يعرف للطفولة طعمًا ولا للبراءة معنى. بينما ينشغل أقرانه باللهو والضحك، يظل سليم أسير جسده المنهك، ينظر إليهم من بعيد بعينين تغمرهما الحسرة والحرمان.
الأمل في زرع نخاع عظمي
الأطباء أجمعوا أن الحل الوحيد هو إجراء عملية زرع نخاع عظمي، وأن فرص نجاحها مرتفعة جدًا إذا أُجريت في هذه المرحلة. لكن كل يوم يمر دون إجراء العملية، يعني خسارة جديدة في معركة الحياة، وتراجعًا في نسب نجاح العلاج.
حكم قضائي لم يُنفذ
بعد رحلة طويلة مع الإجراءات، حصلت الأسرة على حكم قضائي عادل من محكمة مجلس الدولة بتاريخ 24/3/2025 في القضية رقم 36358 لسنة 30 ق، يقضي بأحقية سليم في السفر والعلاج على نفقة التأمين الصحي. غير أن هذا الحكم – رغم مرور أكثر من عام كامل – لا يزال حبراً على ورق لم يجد طريقه إلى التنفيذ.
عام كامل من الانتظار، عام من الألم المضاعف، وعام من ضياع الأمل، فيما المرض ينهش جسد الطفل يومًا بعد يوم.
مأساة إنسانية قبل أن تكون قضية قانونية
"بخاف أنام يا أستاذ علاء، بخاف أنام وسليم يتوجع جنبي وأنا مش سامعة عشان أطبطب عليه"… كلمات نطقتها والدة سليم بصوت يرتعش من الخوف والعجز، كلمات تهز الجبال، فكيف لا تهز قلوب المسؤولين؟
إنها ليست مجرد قضية إدارية، بل قضية حياة أو موت، قضية إنسانية قبل أن تكون قانونية.
نداء عاجل
من موقعي كمحامٍ، أطالب بسرعة تنفيذ الحكم القضائي الصادر، وإنقاذ حياة الطفل سليم، فالتأخير هنا ليس إجراءً روتينيًا، بل هو فاصل بين الحياة والموت.
سليم ليس رقمًا في ملف، ولا اسماً في ورق رسمي. هو طفل بملامح بريئة تذيب القلوب، يستحق أن ينال حقه في العلاج، وأن يعيش حياة طبيعية كغيره من الأطفال.
أيها المسؤولون… ضعوا أنفسكم مكان أسرته، وانظروا إليه بعين الأبوة، وتذكروا قول الله تعالى:
"ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".